ذاكرة سجين 72





في صيف 2008 كانت المهمة التي أعقبتها التراجيديا التي دخلت فيها، ومنها عرفت كيف يكون الله مع من يلجأ إليه.

باقي الأحداث باختصار شديد:

بعدها بأسبوع تم إخباري من طرف المسؤولين هنا بطنجة، بأن المصالح المركزية بالوزارة فخورة بمجهوداتي وشجاعتي ... كلام ملحن وجميل لا تنقصه إلى نغمات الكمان، وعليه فإنني سأعين رئيس مصلحة جهوية للتحصيل الجبري. لم يكن أمامي خيار.
أفرغوا لي مكتبين بالطابق الأول. الأول خاص بي كجميع الرؤساء، والثاني للموظفين الذين سأكون رئيسهم.
بعد أسبوع نزل التفتيش علي، التفتيش محلي وليس مركزي. بعد أيام بدأوا ينبشون في جميع مهماتي منذ دخلت الإدارة عام 1997. سألتهم ما الأمر ؟ قالوا : تفتيش روتيني نقوم به على كل موظف نرشحه لمركز المسؤولية. دام التفتيش شهرا.
ثم قالوا لي: اكتشفنا "اختلالات" في بعض عمليات الاستخلاص. قلت : إذن أعطوني تقرير التفتيش كي أجيب عن كل عملية، الوثائق موجودة والمحاضر موجودة وكل شيء، فمسطرة التفتيش معروفة.
انصرفوا وبعد مدة، وبعدما نصبوا الفخ، استدعاني المدير الجهوي إلى مكتبه، وقال " السي عبد القادر، في الرباط يريدون نتيجة التفتيش لكي يرسلوا لك التعيين، ونحن سنتأخر، وعليك أن تساعدنا بكتابة "التزام" تشير فيه أنك تتحمل المسؤولية عن كل المهمات التي قمت بها في حدود اختصاصك، ودعنا نطوي الملف بسرعة ونأتيك بالتعيين لتكمل مهامك الجديدة، ونحن نعول عليك كثيرا لتكون نموذجا لباقي المديريات الجهوية.
كتبت الالتزام وقدمته لهم.


وفي الغد جاء قرار التوقيف. لقد غرز الغدارون في ظهري خنجرهم المسموم.
بأي وجه سيلقون الله.؟
كيف سيكون مقامهم في القبر؟
أي نوع من الناس يأتيهم النوم في الدنيا وقد فعلوا بي ذلك؟
حينما اتصل به زملائي الموظفون والنقابة، رفع في وجههم "الالتزام"، وقال "من فضلكم الصمت، هو اختلس واعترف ووقع، ولا يمكن لأحد التدخل" ووجه تهديدات أخرى، بأن عددا آخر من الموظفين في اللائحة. فانحنى الجميع. وابتعد عني الجميع.
اجتمع الكذب والتلفيق والتدليس والغدر فلم تكن النتيجة سوى قدر قدره علي، وسواد صحيفة كل حسب فعله وكل حسب نيته. إلى الله شكوتهم شهورا وسنوات.
ظللت موقوفا عن العمل سبعة أشهر أنتظر "المجلس التأديبي". وكلما سألت عن مصير نلفي، يحيبونني "لا تتسرع نحن نحاول تهدئة الأمور هناك فقط سوء فهم وسنعالجه بصمت".
ضل الملف سبعة أشهر بين ثنايا كواليس الظلام، لا يدرون ما يعلون به من شدة الحرج. ولما علموا أن الملف فارغا وحينما سيطلع عليه أعضاء المجلس التأديبي، سيكتشفون الفراغ والعالم سيشهد، حولوا سكة الملف نحو القضاء. والقضاء طبعا مؤمن أنه لايمكن لجمع موظفين أن يتهموك إلا لأنهم متأكدون من تهمتك.
طبعا بعد عرض الملف على القضاء، سيعاد عرضه وبالتفصيل أمام الله يوم الحساب.
نواصل مع السجن ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ المغرب .. الثائر أحمد الريسوني

10 إستراتيجيات للتحكم في الشعوب في كتاب لنعوم تشومسكي

مقتل الجنرال الدليمي .. هل تم تفجير سيارته بواسطة قنبلة موقوتة حولت جسده إلى أشلاء ..