«إيفان الرهيب» يقتل ابنه.. لوحات «إيليا ريبين»



"إيفان الرهيب" يقتل ابنه.. لوحات «إيليا ريبين» عن الثورة والكوميديا والموت

تحتاج اللوحة الفنيّة إلى معرفة القصّة التي تحكيها؛ حتى يستطيع المتلقّي إعطاءها قيمتها، واهتمامها الذي تستحقّه، كما يحتاج غير المتابع لكرة القدم مثلًا من يخبره بخلفيّة عن المباراة التي يشاهدها، وإلاّ فإنه لن يفرّق بين مباراة وديّة لناديين من الهواة، ومباراة نهائيّة في بطولة كأس العالم.
إيليا ريبين» (Ilya Repin) كان من بين الفنّانين التشكيليّين الأكثر اهتمامًا وإحساسًا بأحوال الفقراء والمعدمين، بالرغم من خلفيته الميسورة، وقد عاش شبابه في وقتٍ حاسم من تاريخ روسيا الثائرة على القيصريّة، والتي ستنتصر ثورتها البلشفيّة بعد سنواتٍ معدودة. في خضمّ كل هذا الحراك الثوري والثقافيّ، أبدع إيليا لوحاتٍ من أروع اللوحات الفنيّة التي مازالت قيمتها الفنيّة والفلسفيّة حاضرة ومقدّرة إلى الآن. في هذا التقرير، نأخذك في رحلة بين أعمال هذا العبقريّ الروسيّ، وكيف حكت فرشاته وألوانه عن التاريخ والكوميديا والثورة.
"إيفان الرهيب" يقتل ابنه ..
كان «إيفان الرهيب» أحد أكبر قياصرة الرّوس وأكثرهم شراسة ودمويّة، ويُقال إنه فقأ أعين المهندسين الذين صمّموا التحفة الفنيّة المتمثّلة في كاتيدرائيّة باسيل في موسكو حتى لا يكرّرون صنع مثل هذا المبنى في أي مكان في العالم، وقد خاض عدّة حروب، وتوسّعت في عهده الإمبراطورية لتضمّ أقاليم كثيرة أخرى. وبالرغم من أن كتب التاريخ تذكر له إنجازات حضاريّة مهمّة خدم بها أمّته، إلاّ أنها أيضًا تذكر عيبه الذي أفنى كلّ ما عمل من أجله طوال حياته: فقد كان سريع الغضب، لا يتحكّم في أعصابه.

في أحد الأيّام التي لن ينساها «إيفان» ولا ابنه، بدأ جدال بينهما حول زوجة الابن التي ضربها القيصر بسبب لباسها غير المحتشم، فثارت ثائرة الابن الذي احتجّ عند والده على هذا التصرّف، فقد أبعد القيصر من قبل زوجتين لابنه، وها هي الثالثة تُسقط حملها بسبب ضرب القيصر «إيفان» لها، هذا الحمل منتظر منذ وقت طويل، ليتولّى العرش بعد جدّه «إيفان الرهيب» وأبيه. وبسبب الجدال السّاخن وفورة الغضب التي لحقت به فأعمت بصيرته، أمسك إيفان الرهيب أداة قريبة من يده، وضرب بها رأسه ابنه؛ ليخرّ صريعًا، ويصبح جثّة هامدة بعد لحظات. هذا الابن كان هو الوريث الوحيد القادر على الحفاظ على مُلك والده، فالابن الثاني كان ضعيف الشخصيّة، أو مريضًا، وبالتّالي فإن «إيفان» دمّر مُلكه في لحظة غضب دون أن يشعر.

وتصوّر اللّوحة – بعبقريّة – الرّعب يمتلك «إيفان الرّهيب»، الذي لطالما أثار هو نفسه الهلع في نفوس أتباعه وأعدائه، ملامح أب قتل ابنه، وملامح مَلِك أضاع مُلكه، وهدم كلّ ما بناه بعد سنين طويلة بيديْه في لحظة غضب. وتختلف تفسيرات النّاس عن يد الابن، هل تُمسك الأب، وتحتضنه لآخر مرّة؟ أم هي تدفعه بعيدًا بعد الجُرم الفظيع الذي ارتكبه؟ البعض ذهب حتى إلى القول إن وجه الابن مستلهم من صورة المسيح في الديانة المسيحيّة. هذه اللّوحة هي أشهر لوحات الفنّان الروسي ريبين، ولها جمهور يسافر إلى روسيا كل سنة خصّيصا حتى يراها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ المغرب .. الثائر أحمد الريسوني

10 إستراتيجيات للتحكم في الشعوب في كتاب لنعوم تشومسكي

مقتل الجنرال الدليمي .. هل تم تفجير سيارته بواسطة قنبلة موقوتة حولت جسده إلى أشلاء ..