بعد الحكم النهائي ... الكابوس الأكبر الجديد
المهم بعد توديع المحكمة والجلسات الماراطونية التي دامت ثلاث سنوات، وبعد صدور الحكم النهائي، بخفض العقوبة من عشر سنوات لأربع. تغيرت أحوالي في السجن كثيرا، وعندها قبلت منصب رئيس الغرفة "الكابران" وغيرت كثيرا من الأمور، حاولت أن تكون غرفتنا نموذجا في الهدوؤ والتنظيم واحترام ذات بيننا.
من أهمها النظافة والمساهمة الجماعية في كل التكاليف المالية البسيطة اللازمة لمتطلبات الحياة، والصمت أوقات النوم ليلا وعند القيلولة بعد الزوال. كما كان كل من يتسبب في إيقاظ أحدنا أثناء النوم، يتلقى التوبيخ....
من جهتي وضعت برنامجا التزمت به بكل دقة، يوما بيوم وساعة بساعة. من أكل وصلاة وذكر وقراءة للقرآن والكتب على اختلاف أنواعها وقراءة القرآن. كما تابعت دراستي في الإعلاميات ونلت شهادة بامتياز جيد.
لكن الكابوس الجديد الذي وجدت نفسي فيه هو كابوس "الترحيل"، من سجن طنجة ألى سجون أخرى.
فحركة تنقيل السجناء هي دائمة. وكان تنقيل السجين من المدينة التي فيها أهله إلى مدينة أخرى، هو الرعب الذي ما بعده رعب. كان النداء على السجناء المرحلين يتم فجرا.
عند كل فجر ونحن في أسرتنا ترتفع دقات قلوبنا خوفا ورعبا، وعندما يبدأ النداء كان المنادي عندنا هو ملك الموت نفسه. فسماع رقمك كان كقضاء الله. لا مرد له، وعليك جمع الأمتعة في دقائق، وأي نقاش أو رفض أو احتجاج يقابل بالعنف والقوة والقسوة.
قوانين السجون هي هكذا.
أنا أصلا في مدينة ليست هي مدينتي الأصلي، ومسجون في الغربة، ووضعي بين مسجونين مستواهم التعليمي جد ضئيل وهذا كان مصدر معاناة وعذاب شديدين ويزيد الغربة وحشة ومرارة، فما بالك عندما ترمي بي أقدار الله في سجون أخرى بعيدة ونائية، فالسجون كلها تقع على أطراف المدن، ومنها ما يقع في الفيافي والقفار. كان سجن طنجة بالنسبة لي جنة وغيره كان هو جهنم بعينها.
المهم إليكم كيف يتم الترحيل ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق