رمضان والسجن_1


رمضان والسجن_1

أول رمضان في السجن تزامن مع شهر غشت عام 2009. ويا لهول الصوم وقمة الحرارة وتصبب العرق طول اليوم وغيوم الدخان من المغرب حتى الفجر. كنا نتلوى من العذاب لا نبغي من الدنيا شيئا سوى نفس طيب وماء بارد وقليل من الطعام ونوم كاف لا غير.

حينما كان يتزامن حلول غشت بحلول رمضان في الغرفة التي كنت فيها، فأنت إذن في جهنم والبلاء الشديد، حينها ننسى المحكمة والقضاة والمحامي والأهل والأصحاب نسيانا تاما. كل ما نفكر فيه هو كيف نمضي النهار ساعة بساعة بسلام. الساعات تمر طويلة والدقائق بطيئة.
بما أن غرفتنا كانت في الطابق العلوي، فقد كانت الشمس تضرب فيها أول الصباح. وكان لهيب الحر يضرب الغرفة منذ السابعة صباحا، ثم تصير بعدها الغرفة وطول النهار كالحمام البلدي، الحرارة والعرق والنتيجة معروفة، حمام ساخن طول النهار. بعضنا من ذوي الأعمار المتقدمة ومرضى التنفس، كانوا يلتصقون بالباب الحديدي ويمدون أنوفهم عبر القضبان نحو الخارج لتلقي هواء بارد، فيتوقف الهواء عن الدوران في الغرفة، فنبقى نحن والاختناق على مسافة شبر أو أقل.
والنوم في حرارة مفرطة، كان شبه مستحيل إلا عند تباشير الفجر الأولى. فحينما يتسلل إلينا نسيم بارد وخفيف بدأ من الساعة الثاثة فجرا آنذاك كنا نشم رائحة الجنة فتتراخى أطرافنا. ننام فقط ثلاث أو أربع ساعات، وبعدها وطول اليوم، نضل نتلوى ونتقلب، كما يتقلب السمك في المقلاة. ومن نعم الله الكبيرة، كانت نعمة الماء، نستحم فيه مرة ومرتين وثلاث يوميا.
في رمضان والحرارة وطول ساعات الصوم والازدحام وكثرة العرق، ما إن يؤذن مؤذن المغرب، حتى نأكل قليلا، ومباشرة نمر إلى السوائل. السبب هو الحرارة والإنهاك الذي نصاب به، فلا نعود من شدة التعب والعياء وقلة النوم نقوى حتى على المضغ، صراحة كنت أمضي جميع الرمضانات بالسوائل لا غير وبعض الأجبان والتمر. ولله الحمد أولا وأخيرا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ المغرب .. الثائر أحمد الريسوني

10 إستراتيجيات للتحكم في الشعوب في كتاب لنعوم تشومسكي

مقتل الجنرال الدليمي .. هل تم تفجير سيارته بواسطة قنبلة موقوتة حولت جسده إلى أشلاء ..