ذاكرة سجين 71



رغم أن غرفتنا كانت مكونة من أخطر المجرمين، ونزلاؤها كانوا مقسمين على قطبين متساويين متنافسين وشرسين، من حيث القوة والبأس، ويا ما دارت بينهما من حروب ومعارك دامية، إلا أنه وللمفارقة كانوا حينما يحل بغرفتنا صنديد ثالث محاولا السيطرة على الأمور، كان الجميع يتحد ضده بشكل تلقائي وغريب.
قلت لكم سابقا، إنه ورغم الإلقاء بي في غرفة وحوش بشرية، فقد اكتشفت أن ما فيهم من مروءة وشهامة، يفوق وبكثير ما كنت أتوقعه في الأصدقاء الذين كانوا من حولي. لم أتعرض بينهم للخيانة أو الغدر أو السرقة ولو لمرة واحدة.
فمنذ التحقت بهم جرى بيننا عهد لم يخلفوه. فيا حسرة على من عشت بينهم بالعالم الخارجي سنين عددا.
حينما تعرضت للخذلان، واطلعت على لائحة الغادرين وأقوالهم التي اعتقدوا أنه لن يطلع عليها سوى القضاة، وبعدما "تقاتلت" المحامية مع القاضي "شارون" حتى تم استدعائهم إلى المحكمة، ابتسمت من المرارة، وتذكرت بسرعة قولة الامبراطور يوليوس قيصر، بعد تعرضه للغدر والخيانة، حينما قال " حتى انت يا بروتوس"
كما تعلمون فيوليوس قيصر في أخر حياته قتل غدراً بالرغم من كل ما أنجز لشعبه وبلده، لكن الطمع والجشع، وحب السلطة والثروة قاد المقربين منه للتخطيط واغتياله. فحتى لا يتهم شخص واحد بقتله أُتفق على أن لكل واحد من قاتليه طعنة يجب أن يطعنه أياها فيتفرق دمه.
كان أخر من طعنه أحب أصدقائه إليه ومحل ثقته، والشخص الأقرب إلى قلبه "بروتس" حتى قيل أنه كان ابناً له لكثرة ما أغدق عليه، ومنحه من الأوسمة والمناصب. نظر حينها "يوليوس قيصر" في عيني صديقه وقال له: " حتى أنت يا بروتس ..اذا فليمت قيصر".
لن أنسى ما حيين تلك اللحظات، ولن أنسى دور المحامية في انتشال كل عناصر اللعبة وصفهم أمامي وأمام العدالة وأمام الحق سبحانه.
لنواصل ما وقع وما كان كان يقع لكل من تأتي به رجلاه إلى غرفتنا، ولديه نية سيئة....


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ المغرب .. الثائر أحمد الريسوني

10 إستراتيجيات للتحكم في الشعوب في كتاب لنعوم تشومسكي

مقتل الجنرال الدليمي .. هل تم تفجير سيارته بواسطة قنبلة موقوتة حولت جسده إلى أشلاء ..