2018/02/05

ذاكرة سجين 78



كان الاكتظاظ يصل الذروة في الصيف، حينما ترتفع معدلات الجريمة، وتتزايد أعداد الذين يعتقلون وهم يحاولون تصدير المخدرات إلى الخارج. الفئة الثانية كانت تضم أعدادا كبيرا من الشباب من دول أروبا الشرقية، والدول المنخفضة، وحتى إيطاليا والبرتغال وفرنسا.
هذا الاكتظاظ كان مؤلما لنا من عدة نواح.

أولا: الازدحام الشديد والحرارة وقلة الهواء وصعوبة التحرك داخل الغرفة، ولطبخ فطورك أو غذاءك تنتظر ساعة وساعتين وحتى ثلاث، وكثيرا ما نكتفي بالخضر الطازجة والسلاطة ومعها سمك التونة المصبر. والقهوة أهيؤها (نسكافه) بالماء البارد وبدون سكر، لكي يكون مفعولها منبها أكثر، أنسا معه التعب والعياء.
ثانيا: الازدحام يعني وجود عناصر حديثة العهد بجو الحرية، ونحن مقبورون بالسنوات الطوال، فقد كنا نكره سماع ما يذكرنا بجو الحرية، وكل من يطول لسانه بالتباهي بما رآه وعاشه من ملذات العصر، ننصحه بخفض صوته وإغلاق فمه.
ثالثا: الاكتظاظ بعناصر وافدة وبتهم مخففة يجلب معه عناصر ثرثارة وكثيرة الحركة والحيوية وصعبة الانضباط لقوانين الغرفة، مما يضطرنا كثيرا إلى استخدام التهديد بعد توالي النصح بالتعقل والرزانة والهدوء.
كنا لا نرتاح إلا بعد دخول الخريف وحلول الشتاء.
ذات يوم حل عيد الفطر وكان الفصل صيفا وحارا وجهنميا، وقع خطأ ما فلم يفتحوا لنا الأبواب للفسحة، ثلاثة أيام متتابعة. تصوروا ...





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق