ذاكرة سجين 73


ذات يوم جاء إلينا سجين ومحكوم بما مجموعه 30 سنة، سرقات، اعتراض السبيل باستعمال السلاح الأبيض، اختطاف، احتجاز، اغتصاب، يعني جمع البلاوي كلها. كان قويا وجبارا ومغترا بقوته ولما سمع أن غرفة بها أخطر الخطرين، قدم إلى غرفتنا المسكين برجليه وبعد أسابيع خرج محمولا على حاملة نحو المصحة وسمعته تحت سطح الأرض.. إليكم التفاصيل...

من اللحظة الأولى، رفضته وقلت لرئيس الحي "هذا الشخص سيسبب لنا البلبلة ونحن قضيا وقتا طويلا لوضع قواعد الهدوء والسكينة داخل الغرفة، يكفيني هؤلاء الذين هم معي". الرئيس أجابني "السي عبد القادر مثلما سيطرت بهدوء وحكمة على هؤلاء، ستسيطر على هذا أيضا". فأجبته "ولكن هذا مثل الوحش، فإما سيقتل أحدا وإما سيقطعه زملائي تقطيعا ونحن في غنى عن المشاكل" فأجاب "من قام بأي اعتداء فأخبرنا ولا تخف ونحن نكمل الباقي كالعادة، جرب وسترى".

وفعلا بدأت المناوشات، فبدأ يحاول فرض قوانينه الخاصة على بعض السجناء من ذوي الأحكام المخففة، بينما نحن كنا نراقب فقط ونكتفي بالصمت، وتلك كانت هي عادتنا في التعامل مع الخصم الذي لا نعلم عنه شيئا. فالرد كلما كان متأخرا ومدروسا بصورة جيدة، كلما كان أكثر فاعلية ونجاعة".

فحينما يكون أمامنا خصم خطير ومعلوماتنا عنه قليله، نفسح له المجال لعله يراجع نفسه ويندمج في قوانين الغرفة، لتسير القافلة بخير.

في السجن ومع "أخطر المجرمين"، تعلمت الصمت والصبر وعدم التسرع في الحكم على الأمور، فكثير من الجبابرة، كانوا حينما يتفاجؤون بجو الهدوء والاحترام بيننا، كانوا يضطرون إلى الاندماج معنا.

لكن إن فسر أحدهم تواضعنا وصبرنا على أنه هزيمة، وتجاهل ما تحتله غرفتنا في السجن كله من قوة وبأس وتنظيم، وأصر على التمرد وتمادى في فرض سيطرته بالقوة، كنا نعطيه الوقت الكافي حتى يشعر بالأمان ويتراخى، وكنا نراقب من بعيد ونتبادل النظرات، حتى نتعرف على نقاط قوته ونقاط ضعفه.

بعدها نضع الخطة لتنفيذها بشكل متقن وبدون أخطاء، والعملية تكون في سرية تامة ولا يطلع عليها إلا كبار المحكومين، "مجلس الحكماء"، وكل شيء يتم بهدوء تام حتى لا يشعر أو يشك بشيء.
تكون الخطة كالتالي:

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ المغرب .. الثائر أحمد الريسوني

10 إستراتيجيات للتحكم في الشعوب في كتاب لنعوم تشومسكي

مقتل الجنرال الدليمي .. هل تم تفجير سيارته بواسطة قنبلة موقوتة حولت جسده إلى أشلاء ..