ذاكرة سجين_82


رغم كل هاته الظروف في أثناء الزيارة العائلية، كنت مواظبا على تمرير مقالاتي الأسبوعية، التي كنت أكتبها على أوراق، وأخرجها لنشرها عبر موقع طنجة24، كانت المقالات كلها تحليلات في علم الاجتماع السياسي.
كانت المحاور تدور حول المَلَكية والأحزاب السياسية والزوايا والنقابات، والنظام السياسي المغربي، والمخزن، والانتخابات، والثقافة السياسية، والرأي العام ...
كنت لا أخوض في السياسة السياسوية، فلا السجن يسمح بذلك، ولا الظروف، ولا القناعات التي أقتنع بها.

لتمرير المقالات، كنت ولتجنب حملات التفتيش، إما أدسها بإحكام تحت الملابس الداخلية، أو أدسها في القفة الفارغة التي أخرج بها قبل استلام القفة المملوءة، وحينما يكون التفتيش دقيقا كان يتكفل بعملية تمريرها رفاقي السجناء، أسلمهم المقالات وأسبقهم لقاعة الزيارة، وهناك في القاعة، وقبل الجلوس إلى عائلتي، أجدها مدسوسة في جيبي بشكل غاية في الدقة والإتقان.
مثل هاته الخدمات لم ولن أجدها إلا في رفاقي السجناء الخطرين، لو كنت أشركت في مثل هاته العمليات، من سلم من السجن، لكان مصيري شيء آخر.
في السجن مجرمون قتلة وسفاحون ولصوص، لو اطلعت على وجوههم لوليت منهم رعبا، لكن فيهم من الشهامة والوفاء والرجولة ما لم أرَهُ لا قبل سجني ولا بعده.
كنت بدأت مسيرتي الصحفية وأنا طالب بكلية الحقوق بالرباط عام 1991، لكن وفي 2013، وبعد سنوات من القراءة والدراسة تحت طواحين المعاناة والألم وبين أنياب الغدر والخيانة، صرت كاتبا صحفيا يشهد لي الكثير بالجودة والإتقان، والحمد لله.
ظللت أنشر مواضيعي على مدى عام ونصف بانتظام، وعندما خرجت من السجن، أوقف ذلك الموقع نشر موضوعاتي، وظلت الأسباب الحقيقية مجهولة. آلمني التوقيف وآلمني التبرير الذي توصلت به.
لكن التوقيف وبحمد الله وبعد أقل من أسبوع، تلاه فتح من الله من ناحية الكتابة الصحفية كما سترون لاحقا بإذن الله.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ المغرب .. الثائر أحمد الريسوني

10 إستراتيجيات للتحكم في الشعوب في كتاب لنعوم تشومسكي

مقتل الجنرال الدليمي .. هل تم تفجير سيارته بواسطة قنبلة موقوتة حولت جسده إلى أشلاء ..