ذاكرة سجين_83


العامل الثاني الذي دفع بظروفي الصحية نحو التردي، هو قرار الإدارة، بمنع الطبخ داخل الغرف. فقد صادروا "الكانون الكهربائي" (الريشو) الذي كان يستعمله السجناء لطهي وجباتهم، ثم منعوا إدخال الأطعمة والخضر النيئة، باستثناء ما يمكن أكله طازجا، كالطماطم والبصل والخيار والخس.
ولتجاوز ذلك كنت آمر العائلة بسلق الخضر والقطاني، فآتي بها وأحتفظ بها في الثلاجة، وكل يوم آخد منها قسطا وآكله هو الخبز. وبدل القهوة والشاي، كنت أخلط "نسكافه" بالماء البارد وأمخضها جيدا وأشربها. أصبحت مثل الجندي المحارب على جبهة القتال، يفعل كل شيء ليعيش فقط.
كنت آكل كما اتفق وأشرب القهوة بتلك الطريقة، ثم أتوضأ وأصلي، وأرخي حولي رواقا دائريا من الثوب، وأغوص في القراءة.
كل هذا أثر على الجهاز الهضمي، وأصبحت أعاني من التهابات معدية متتالية. حينما تصل الحالة إلى مرحلة من السوء التام، ألجأ إلى الصوم والاكتفاء من الطعام بالقليل القليل، فلا دواء للمعدة خير من الجوع.
كنت أبرمج يومين أو ثلاثة للصوم ليكون يوم الزيارة هو الموالي، وبالتالي لكي آظهر بشكل مقبول أمام العائلة، فأتمكن من الظهور متماسكا والله يعلم ما في الصدور.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ المغرب .. الثائر أحمد الريسوني

10 إستراتيجيات للتحكم في الشعوب في كتاب لنعوم تشومسكي

مقتل الجنرال الدليمي .. هل تم تفجير سيارته بواسطة قنبلة موقوتة حولت جسده إلى أشلاء ..