ذاكرة سجين_86



كنت متزوجا بزوجة جميلة وجميلة لكنها محتشمة ووفية، ورزقت منها بابنتين جميلتين. كنت سائق شاحنة تعمل في شركة النقل الدولي للبضائع، جُلت جل دول أروبا وأفهم سبع لغات، وكنت محبوبا لدى الجميع ومقبولا بحمد الله عند كل من يعاشرني.
لما ضبطوا بشاحنتي كمية كبيرة من المخدرات في الشاحنة مخدرات صُدمت، فالأزمة في أروبا بدأت تهدد مستقبلي، وأنا مللت الأسفار عبر الطرقات ليل نهار قاطعا الفيافي والقفار عبر الدول والقارات. لذلك فكرت في القرب من أسرتي السعيدة ودنتي الوحيدة في الأرض.
لعب بي الشيطان وأردت إسعاد زوجتي وابنتاي وللأبد، ثم العودة لحياتي العادية قربهم. المهم حكموا علي بعشر سنوات، فالقانون المغربي قاس في قضايا التهريب ولا يرحم كما تعلم.
حينما سُجنت رفضت زوجتي ضغوط عائلتها كي تقوم بتطليقي والانتقال للعيش معهم. وبقيت تقطن في بيتنا الواقع نواحي المدينة والذي أملكه هو وأراض واسعة مجاورة لأملاك أباء عمومتي.
لكن بدأ بدأ بعض أبناء العمومة يترامون على أملاكنا، مستغلين كون تلك الأملاك غير محفظة، فقامت إليهم زوجتي وواجهتهم بكل استماتة.
فجأة توفيت ابنتي البكر بعد مرض لو يدم سوى لأسابيع قليلة. الشيء الذي أثر كثيرا على زوجتي، وبعد أسابيع واصلت المسكينة الحرب من أجل أسرتها الجريحة، وبعد مرور سنتين أصيبت ابنتي الصغرى بمرض مزمن يتطلب نفقات باهضة فاضررت إلى اللجوء للقروض من أصدقائي الأوفياء على أمل الرد لهم بعد الإفراج، فأقرضوني حتى غرقت في الديون.
لكن المشكلة أن ابنتي الصغرى ماتت بدورها، بعد غذاب دام لسنوات. تألمنا كثيرا وكثيرا جدا. وهنا قررت المغامرة، كنت أود القيام بضربة كبرى لرد الديون عند الإفراج، ولتتويج زوجتي أميرة من جديد ولأعوضها كن كل ما فات، أنا الآن لا أفكر في نفسي، فبقائي في السجن حتى الوفاة هو أمر من الله أقبله، لكن المشكل الذي أفكر فيه هو زوجتي المسكينة، ثم سكت وسكتت معه، سمعت نحيب بكاءه، وقلبي هو من كان يبكي بدل العينين.
يتبع ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ المغرب .. الثائر أحمد الريسوني

10 إستراتيجيات للتحكم في الشعوب في كتاب لنعوم تشومسكي

مقتل الجنرال الدليمي .. هل تم تفجير سيارته بواسطة قنبلة موقوتة حولت جسده إلى أشلاء ..