ذاكرة سجين_87



ذات ليلة ونحن نغط في نوم عميق أفقنا على صراخ مجلجل ممزوج ببكاء مرير قاس ومؤثر أفاق له كل سجناء الحي. ما الذي حدث ؟ فيجيب "ماتت زوجتي يا ناس .. ماتت زوجتي يا إخوتي .. كنت أريد أن أجعها سلطانة الدنيا ... لكن لماذا ماتت ؟
كانت لحظة قوية ومؤثرة علينا جميعا في ذلك الليل الصامت البارد، الذي كان لا يكسر وحشة صمته غير بُكاء هذا السجين المر وصراخاته ومناداته على زوجته وابنتيه رحمهم الله. نحن السجناء كنا فقط نتبادل النظرات ونردد "لا حول ولا قوة إلا بالله" جميع السجناء يرددون الجملة. القتلة والسفاحون واللصوص والنصابون، المتدينون وغير المتدينين.
بعض السجناء في سن الشباب كانوا يبكون.
الحجر في هاته اللحظة يبكي لهاته المأساة المرة الحالكة السواد.
صمت المسكين لحظات ثم عاد يصرخ " سميرة زوجتي، عائشة وسعيدة ابنتاي، أين أنتم يا أعزائي ويا أغلى ما عندي. لماذا ذهبتم وتركتموني وحيدا .. لقد ضحيت بنفسي من أجلكم .. فلماذا تركتموني... الذذنب ليس ذنبي .. فأنا لم أكن أريد سوي إسعادكم والقرب معكم يا أحبائي ..
هنا علمنا أن المسكين في لحظة خطيرة قد تهدد حياته أو سلامة عقله. فشرعنا وشرع سجناء الحي كله وبشكل تلقائي ومؤثر نردد وبصوت عال الصلاة على النبي "اللهم صل عليك يا رسول الله"
بعدها بدأنا نضرب بالأواني على الأبواب ليحضر الحراس، فدوى زلزال من الضرب على الأبواب، فحضر الحراس بسرعة، فصرخنا في وجوههم :
"ماتت زوجة الرجل .. ماتت ابنتاه ... إنه سيُجن .. انقلوه للمستشفى ... " فحملوه إلى المصحة وعادوا به بعد لحظات وهو شبه نائم، بعدما تلقى الإسعافات الضرورية.
بعدها ذخل المسكين في صمت شبه دائم. ثم لزم الصلاة وقراءة القرآن ولما خرجت تركته على تلك الحالة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تاريخ المغرب .. الثائر أحمد الريسوني

10 إستراتيجيات للتحكم في الشعوب في كتاب لنعوم تشومسكي

مقتل الجنرال الدليمي .. هل تم تفجير سيارته بواسطة قنبلة موقوتة حولت جسده إلى أشلاء ..