2018/03/05

ذاكرة سجين_90


في السنة الأخيرة من السجن، تزايدت معاناتي النفسية، وتدهورت أحوالي الصحية، للأسباب السابق ذكرها. فبعدما صدر الحكم النهائي، بقيت أعيش يوميا رعب هاجس التنقيل نحو سجون أخرى.
فعند الفجر، يأتي الحراس ويقفون ببهو الحي ويشرعون في النداء بأسماء المعتقلين المحكومين نهائيا والخاضعين للتنقيل.
كانت أحوالنا عند سماع أصواتهم مثل أحوال البشرية عند النفخ في الصور يوم المحشر، قلوبنا تصل الحناجر من شدة الخفقان. فسماع اسمك معناه أنه بعد لحظات سيلقي بك مدفع الترحيل في أدغال سجون المملكة، وتزداد غربتك سوادا على سواد. فسجون المغرب كلها تقع بعيدا عن مرااكز المدن.
هذا العذاب الأول.
كما أنه ورغم تخفيض الحكم من عشر سنوات إلى أربع، أحسست بالغبن والخديعة. قيل لي "ستحوز البراءة شريطة أن تمسك عن ذكر شخصيات ومسؤولين" كنت أطالب بالتحقيق معهم. أنا لزمت الشرط، لكن أثناء مداولات ما قبل النطق بالحكم، وقع ما وقع. 
عند سماعي للحكم، لست أدري كيف أفرغ الله علي صبرا وهدوءا غريبين، وبدأت أنظر للقضاة (سبعة) وأنا صامت.
حينما ودعت المحكمة بعد ثلاث سنوات من الجلسات الجهنمية، كانت قواي قد خارت. أعصابي ودماغي لم يعودا يتحملان أية مجهودات. تعبت من المقاومة والمعاناة. لكنني لم أرفع الراية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق