رمضان والسجن_3 .. صلات التراويح 1/2

رمضان والسجن_3 .. صلات التراويح 1/2

في العشر الأواخر من رمضان، كنا نحاول بما تتبقى لنا من قوات بدنية ونفسية، مشاركة أمة الإسلام، في إحياء لياليها المباركة من رمضان المبارك. كنا ورغم المعاناة النفسية والبدنية التي نتلوى فيها، والعياء والإنهاك وقلة النوم والحر الشديد، نحاول بما يتبقى لنا من قوى أن نتدارك ما فاتنا ونتقرب من الله ليفرغ علينا الصبر ويمنحنا الفرج.

كان أهم ما نفكر به هو من يؤمنا في صلاة العشاء وركعات التراويح، وعليه كان لابد من إيجاد حامل لكتاب الله. كانت الغرف الأخرى من حينا تضم في كل منها إمام حامل للقرآن، وهو ما كنا محرومين منه طول العام. والسبب كما سبق القول، هو أن غرفتي كانت مخصصة كعقوبة، ونزلاؤها من ذوي الأحكام الثقيلة، ومن العناصر المصنفة "أخطر المجرمين". وعليه كان وجود إمام بهاته المواصفات أمرا مستحيلا.

لكن الحقيقة التي يجهلها أغلب الناس، هو أن :زملائي الخطرين، من ذوي الأجسام الفضة الغليضة والملامح القاسية لهؤلاء "المجرمين"، كانت تخفي بين ضلوعها قلوبا كثيرا ما يُرطبها نداء الإيمان الخالص، وتشوفا نحو عدالة إلهية رحيمة تعوضهم ما خلفه الدهر فيهم وفي حياتهم.

كنا نلجأ لاستعارة "إمام" من باقي الغرف، وهي مهمة ليست باليسيرة، كنا كفرق البطولة الأروبية التي ينقصها لاعب في مركز ما ولتعويضه تفاوض وتساوم، وتتفق وتبرم العقد بشروط.

والإمام لابد من مفاتحته من طرف عناصر طيبة ولطيفة وذات سلوك لين، هذا أول شرط، ثانيا، يتم التكفل للإمام بحمايته من كل مضايقة وضمان راحته وهذا تتكلف به العناصر القوية من زملائي سواء منهم المصلون أو من غير المصلين، ثالثا وبعد الاتفاق، يتم عرض الأمر على رئيس الحي، ورئيس الحي هذا، كان يبادر وبسرعة لتزكية مثل هذا الأمر.

في كل الرمضانات الأربعة التي عشتها بالسجن، وبمجرد ما يسمع سجناء الحي أننا نفاوض لجلب إمام لإحياء رمضان، كان الجميع (جميع المجرمين)، يسارعون لمساعدتنا بكل تلقائية وحماس ويقدمون كل ما لديهم لتمكيننا من الحصول على إمام.